یعتقد المراقبون السیاسیون ان الحرب تدخل مرحلة الاستنزاف، وان طرفا النزاع واللاعبین من خارج المنطقة توصلوا الى نتیجة هی ان الحرب لا تمثل سبیل الحل لذا وضع قرار جدید على جدول الاعمال. خلال الیومین الاخیرین تم تداول اخبار حول تشکیل مجموعة اتصال جدیدة بمشارکة ایران، السعودیة ، مصر والعراق والتی تعتبر الى جانب تعیین الاخضر الابراهیمی المبعوث الجدید للامم المتحدة فی سوریا املا یعزز ایجاد تغییر فی سوریا. وحول مدى عقد مفاوضات بین الحکومة والمعارضین بالتزامن مع تشکیل مجموعة اتصال جدیدة، نظرا لمرور 17 شهرا على الازمة السوریة وعدم قدرة الجانبین على انهاء الحرب، فیبدو ان هناک امکانیة لتفعیل هذا الموضوع. وفی هذا السیاق اجرى موقع خبراونلاین حوارا مع السید حسین رویوران خبیر شؤون الشرق الاوسط حول آخر تطورات الاوضاع فی سوریا الیکم تفاصیله:
خلال الایام الاخیرة، تم طرح فکرة نشر قوات عسکریة على الحدود السوریة الللبنانیة الامر الذی اسفر عن رد فعل حزب الله. ترى ما مدى امکانیة تطبیق هذه القضیة؟
ان القضیة لیست هی نشر قوات دولیة. الموضوع هو اعلان منطقة عازلة یمکن الدفاع عنها وهو ما طرحته ترکیا اولا ومن ثم تراجعت عنه وقالت انه لا یمکن القیام بهذا العمل دون موافقة مجلس الامن الدولی. والیوم یخیم حوالی 90 الف لاجئ سوری قرب الحدود مع ترکیا. الامر الذی حمل ترکیا على القول انها لم تعد قادرة على استیعاب هذا الحجم من اللاجئین بینما ینبغی تطبیق هذا الموضوع لاسباب انسانیة. فی الحقیقة ان ترکیا وافقت على استیعاب اللاجئین لکن داخل التراب السوری. واما ایجاد مخیم فی بلد یتمتع بالسیادة والاستقلال فهذا یعتبر تدخلا فی شؤونه الداخلیة. لذلک تراجعت ترکیا عن هذا الموقف ورهنت القضیة بمصادقة مجلس الامن الدولی. اذا وقع هذا الامر (وهو موضوع مستبعد) فان روسیا والصین ستستخدمان الفیتو ضده. لان ایجاد هذه المنطقة هو ذات موضوع الدفاع عنها. لا شک ان نشر قوات دولیة لحمایة هذه المنطقة باسم اللاجئین، المدنیین او المشردین او ای اسم آخر، من الممکن ان یؤدی الى تقسیم سوریا سیاسیا. وبعبارة اخرى یعنی خروج جزء من الارض من سیادة الحکومة الامر الذی لن تسمح به سوریا دون ادنى شک ولا حتى روسیا والصین. لذا نرى ان هذه القضیة یتم متابعتها نظریا ولا وجود لای نتائج ملموسة لها عملیا.
من المقرر تشکیل مجموعة اتصال جدیدة، ترى ما الذی تختلف عنه المجموعة الجدیدة عن سابقتها؟
فی الوقت الراهن وبغیة تسویة الازمة السوریة هناک اربعة اقتراحات: المبادرة المصریة، المبادرة الایرانیة، المبادرة العراقیة ومبادرة هیئة لجان التنسیق الوطنیة السوریة. کما انه وخلال مقابلة مع قناة المیادین یوم الجمعة تقدم السید مرعی من اعضاء هیئة التنسیق الوطنیة السوریة (التی تعتبر احد الارکان الاساسیة فی المعارضة الداخلیة فی سوریا) بمبادرة اخرى.
ان اوجه اشتراک هذه الاقتراحات، هو عدم التدخل فی الشؤون الداخلیة فی سوریا والاعداد لطاولة حوار تجمع کافة الاطراف فی سوریا. اما دور مجموعة الاتصال فهو تقریب مختلف الاطراف حول طاولة الحوار وان مجموعة الاتصال الجدیدة ستضم مصر، ایران، السعودیة وترکیا.
ترى هل تعتبر هذه المجموعة بصیص امل للتوصل الى نتیجة؟
تواجه الازمة السوریة الیوم ثلاثة مستویات، داخلیة، اقلیمیة ودولیة. على الصعید الدولی هناک امیرکا، بریطانیا وفرنسا وفی المقابل تقف روسیا والصین وهناک نوع من المواجهة بینهم. على الصعید الاقلیمی تقف ایران وبالمقابل تقف ترکیا والسعودیة ومصر. اما على الصعید الداخلی هناک نزاع بین الحکومة والمعارضین. لذلک فان سیبل الحل الذی یمکن رسمه للازمة السوریة هو التغلغل فی احد هذه الصعد او اثنین منها (اما الدولی والاقلیمی او الداخلی). الیوم وعلى الصعید الداخلی، وافقت لجان التنسیق الوطنیة على عقد مفاوضات مع الحکومة. وعلى الصعید الاقلیمی اذا قررت السعودیة وترکیا حقا تسویة الازمة ، فاننی اتصور ان مجموعة الاتصال ستلعب دورها بسرعة واعداد طاولة الحوار للجانبین ما سیفضی عنه التوصل الى حل سیاسی للخروج من الازمة.
وهل سیحظى هذا النهج بقبول على الصعید الدولی من قبل کافة الاطراف الدولیة؟
ان امیرکا، فرنسا وبریطانیا ومن خلال ترکیا، الاردن والحریری وایضا من خلال السعودیة وقطر تعمل على توفیر المیزانیة اللازمة. اذا ما قررت هذه الدول تفعیل سبل الحل، فان امیرکا حینها لن تتمکن من المضی بخطتها وسیکون من الصعب علیها التاثیر على الازمة بصورة مباشرة.
تؤکد الجبهة الدولیة التی اشرتم الیها على استخدام الحکومة السوریة للاسلحة الکیمیائیة ، ترى ما مدى صحة هذه القضیة؟
ان المعارضین قرروا تسویة الامور، الاغتیال والانفجار الکبیر فی مقر الامن القومی السوری ومقتل کبار المسؤولین فی النظام والهجوم على دمشق وحلب کلها تعکس ان المعارضین کانوا قد قرروا انهاء الامر لکن الحکومة قمعت المعارضین فی دمشق. کما تعکف الیوم على التصدی للمعارضین فی حلب. لا ننسى ان 80 بالمئة من حلب تخضع لسیطرة المعارضین اما الان فلم یتبق سوى 10 بالمئة تحت سیطرتهم وهذا یظهر مدى قدرة الحکومة مقارنة بالمعارضین وانهم لا یمتلکون القدرة على تسویة الامور.
فی الحقیقة من لا یتمکن من انهاء الامر فی ساحة القتال علیه الجلوس الى طاولة الحوار.
ونظرا لان الحکومة السوریة هی صاحبة الید الطولى الیوم فهم یطرحون موضوع السلاح الکیمیائی وامکانیة استخدامه وما الى ذلک من ردود افعال ومواقف. ان استخدام هذه القضیة یاتی بغرض التغطیة على ضعف المعارضین وتشبیه الحکومة السوریة بحکومة اجرامیة. ما یجری فی سوریا حرب کلاسیکیة ولا علاقة له بالاسلحة الکیمیائیة.
وکیف تقیمون المستقبل؟ ترى ای من المبادرات التی تقدمت بها الدول تتمتع بامکانیة تنفیذها عملیا؟
الحقیقة هی ان الحرب فی سوریا تدخل مرحلة الاستنزاف ، وان هذه المرحلة تعنی ان لیس باستطاعة الجانبان انهاء الامر بشکل سریع. تتمتع الحکومة بالید الطولى مقارنة بالمعارضین لکن الحکومة لا زالت ومنذ شهر تحارب فی حلب ولیس بامکانها انهاء الامر على وجه السرعة. وهذا یظهر ان الحل العسکری لن یتمخض عن نتائج فی سوریا ولا سبیل سوى الحوار السیاسی. استمرار الحرب فی الظروف الاستنزافیة معناه رفع حجم الاضرار والقتلى والدمار لذلک ینبغی على کافة الجماعات والاطیاف السیاسیة وبناء على الظروف فی الساحة الجلوس الى طاولة الحوار.
ان اتخاذ مختلف البلدان لمواقف فی کلا المعسکرین، مثلا مصر من انصار المعارضة وایران من انصار الحکومة السوریة لکنهما قدمتا مبادرات مشابهة لحل الازمة، وهذا یؤکد وجود یأس بالنسبة لانهاء الامر من خلال الحرب.
ان توسیع هذه الارضیة، یلزم کافة الاطراف بالحوار السیاسی واعتقد انه عاجلا ام آجلا سیتحقق هذا الامر ، وان هذه الدول ستجد الدور الذی تضطلع به وسیتم تسویة الازمة السوریة عبر الحوار والاتفاق بین المعارضة والحکومة.